النشيد الأول
(وادي العـالم)
_________________________
عندَما تَرنُّ ساعة المُنبّه
قرب رأسِك الموسّد..
كلّ صَباح،
تذعرُ العصافيرُ من نافذتك
و يبتدىء الفَساد.
وطأ بقدَمِه وادي العَالم
فبلغ السّيلُ الزبى..
حَبَا..
في وادٍ تتقطّع فيه الطّير
عندما وصل ضفّة اليباب
افترشَ مِن التراب
وغفا..
لكنّ ثَمّة مأسدة قَهْرية
تنهشُ قرارةَ نفسِه
وتهوي بقدَمه
في وادٍ جَديد.
ما أطمَعَنا،
لا نقنَعُ بجنّةٍ مُستقرّة.
حَياتُهم..
وباءٌ مَقيت،
فإذا اجتاحتك أرضَةُ المَوْت..
خِلسة الطّين..
تآكلْت فَجْأةّ!
وتداعيْت،
دون أيّ نَذير ولا مَعْنى يَحْتمل
غير تلك المَعرفَة القاتِمة
بأنّ ذلكَ يحدَثُ فَقَط.،
فارَقَتْك الجَدْوى
شَهْوة ضَالّة..
ترتزقُ الكفافَ
بقيّة العُمر.
النشيد الثاني
(أمسيةٌ من نَوار)
_________________________
مَنارةُ النّهار
لا تباريها إلاّ عُتْمة قَلْبي..
يبعثُ الليلَ منه،
شَفَقاً يَؤوبُ
سلواناً لغَسَق
لا يَنطفِئ إلاّ في قَلبي،
حَمَلتُ عُتْمَتي وتَوارَيْت.
عندَما كسَفَت الشّمس،
خرجتُ عن عُزْلتي
في أمسِيَةٍ من نَوار،
على كتفي زنبيل
يمتلأ بالصُّراخ:
"البُورجوازيون...
رعاةُ البقَر
طغاة الأرض.
هكذا مَزاج عَبَثيّ
ينعشني اليوْم،
هؤلاء البَشَر .!
أحتاجُ إلى غَضَبٍ عارِم
للبقاء بينهُم ،
أن تتَعلّم من أين تُؤكَلُ الكَتِف!
و على الجَوْعى
نِقمة السّماء،
الدّهاء..
صَنْعةُ العَيْش هُنا
وَصْمةُ العَار
لبشَريّ أخرَقْ."
فَيْلسوفُ الضّوء يُداهمني..
و أدلَهمُّ،
لَوْ لَم يَكُن هُنَاك ضَوْء
أيكونُ الظلام!.
النشيد الثالث
(كونشِرتو الخَراب)
_________________________
نسيمٌ بارد
في ليلةٍ ذاهلة..
تحتَ جِفْني زغَبٌ بَليد
ترمّدَ و نعسَ موتاً،
تثاءبتُ
فانطفأت الأضْواء،
عزفتُ مُنفرداً..
لَحْنا طليقاً.. حزيناً
في الفَضاء..
أوقظتُ كَسَاد
إغمَاءتهم الأبَديّة
علَى أن لا يعرفوا،
في أيّ لَحْن أنا كُنتُ أرشَح.
وحيداً، أخصِفُ
في أكذوبَةٍ كُبرى
وأعاثُر بتوجساتي
أسْفارَ التَوْريَة،
لقَد تلَفَ (القرنُ)
وأصبَحَ زُقْماً،
مُدنُ الخَراب
طَفحَتْ بُثورَ المَوْت
في كلّ أطْنابِ البلاد
عَبَثُ الشّيْطانِ قَضَى واقتَضَى
عَوزُ الخَلاص
يفتكُ بالأرْض.
عوَزٌ ليسَ لهُ
أن يكون وصْري
أحمِلهُ سوءةَ كل المخدوعين ،
إنني
أبحثُ
عن خلاصي.
النشيد الأخير
(الحياة السرية)
_________________________
لَحَظاتٌ تَخاذَل عندها الوَقْت؛
توقّعات أحسَسْتُ فيها
بوجودي بشِدّة ،
عَلى أن أشْعِل سيجارة
لا تلبثُ أن تَفتتن بالدّنيا
حتىّ تنفَدْ ويعيد الرّماد
للتراب أمانتَه ،
فتحتُ عُلبةَ الثّقاب
فوجدتُ أذْنَ فان كوخ
تلاطَمتُ في العُلْبة
ووَجَمْت!.
إنّني لا أستطيعُ
التوقّفُ عن المَوْت.
كلُّ ما شعرته بينهُم
أنني شقاء..
أزهقَني دماً محموماً
أدْمنته..
و سَحَقت ذاتي
أفيوناً انتَشقُته..
لكنّ هذه
الأرض..
لا تَستحقُّ شَقائي.
الشّعر،
حياتي السِرّية
نافِذتي في السّماء
ألوذُ فيها ببَكارتي
عن عُنوسة العالم.
------------------------------