قلمٌ رصَاص نحيل يخترقُ صدريّ المُقعّر للمرّة اليوميّة المُتكرّرة فتجدُني كمصلوبٍ أسطوريّ هزيل عبرةً لغيري من الدواب المَريضة. من يُدركُ هذه الزَخرفةُ من المُنحنيات الدّقيقة، ما نُسمّيهِا اعتباطاً لُـغة، أعزّيه من كلِّ يأسي على إضاعة جهدِه و فرصةَ بقائه في غير عمليةِ التّكاثُر الحيوانيّ. إن هذهِ الأنسَنة الوهمية، ما نُسمّيها مجازاً مُجْتمع، إن كانَت قضاءً فهو عقاب لتطاولٍ سالفٍ أكيد ذلك أنها لا تجيب أبسط أسألتنا!و إن كانت اجتهاداً فهي تضليل لدرجة الضياع! وإلا بماذا سيكون هذا الكائنُ مُميّزاً إن استأصلنا عضوهُ التّناسلي! ماَجعله كائناً غوغائيّاً! بين عطفه و شهوته تقطّعت به الطرق وأضاع فرصة تطوّره! استسلم لأنسنة لم تقو على تقريب المُفارقة. إنّ الأخلاقَ كذبةٌ نتخبّاُ وراءها لتعليل ورْطةَ شعورنا بكهرباء الأحاسيس المضرمة في دمائنا المشؤومة. إنّ هذهِ الإنسنة المتنافضة تؤلمني، ولا أستريح إلا عندما أختصر تعريف هذا الكائن باعتباره بقية تكاثر.
----------------------------------------------------------
(مُدُن العُزلة) د. شريف بُقنه الشّهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر/2007 – الطبعة الأولى