١
الفنُّ نافذةُ السموِّ
ونافذتي تُطلُّ على بستانٍ
على اللّوحة الأصليةِ بالألوان
ريحٌ وطينٌ، طيرٌ وتينٌ
تسبيحُةُ الأشجار
تفيضُ من سائلٍ برزخيٍّ
سكبَهُ اللهُ وسمَّاهُ النَّهار،
تودُّ الحصاةُ لو تتسلّقُ بتلاتِ الزهرةِ
تودُّ الزّهرةُ لو تمتطي جناحَيِّ الفراشة.
وعندَ المساءِ،
تهبُّ عاصفةُ الأوانِ
تكشطُ قشورَ المكانِ
وتلفُظُ سائرَ الزَّمانِ
يسقطُ ألفُ ألفِ عامٍ
شفقةٌ وغضبٌ
حروبٌ وقُبُلات
نحيبٌ وسلوان.
دهرٌ يقصم عنقَ الأمان
يثقبُ رئةَ اللحظةِ وينزعُ القمصان
"في ليالي الرَّبيعِ القارصةِ حينَ تتفتحُ الأوراقُ
يتغلغلُ في العالمِ كلُّ ما هو مميتٌ"* وريّان.
٢
لم تكنِ السنين حنونةً على وجهِ العجوزِ،
تجنّبْ وطأةَ الزمنِ
واحذرْ شفرةِ السؤال
أنت موجودٌ! ولا شيءَ يمكنُ عملُه
تجترحُ المعاني وتذرفُ الأهوال.
تذرِي الشكوكُ في هياج روحك،
وتمضي بك الحياةُ
على طريقة «الطيار الآلي»
ترتجلُ أجنحتك
تحملُك وتلقي بك
صلصالًا مأسورًا
في قصتك التي كتبت
واعتقدت أنها خلاصُك الختّال،
تكرّرُ أخطاءك
ولديك تلك القناعةُ الغريزيةُ
أن كلّ شيءٍ يُصلح ذاتَه تلقائيًّا.
تمضي الحياةُ بالتباسِها ولغطِها
ولا تُفشي سرَّها
كذلك هي الغايةُ المراوغةُ للجمال
رموزٌ تستعصي على الفهم والاحتمال.
٣
ضع نقطةَ انتهاءِ الجُملة
قبل اكتمال المعنى،
أشعلِ النّارَ في طريق الدليل
وللعابرين دخانُ التأويل
لا شيءَ مُكتملٌ
وإنما رُتوشُ احتمالات.
زمنٌ طويلٌ
وكونٌ فسيحٌ
وأقفاصٌ من ريح
لا يفلتُ منها سوى الشِعْر
يلبس الأيامَ قفطانًا
وينفخُ في الرُّوح
قيامتَها المرتجاةَ،
يطوي المسافةَ
بين الحُلم والوعيِّ
ويفسحُ الطريقَ
لجنّةِ الخطايا.