"لا نستطيعُ تعريفَ شيءٍ إلَّا عندما لا نعرفُ أيَّ شيءٍ عنهُ."
خورخي لويس بورخيس
١
في البَدءِ كانتِ الكلمةُ،
انسلخَ الزَّمنُ من ضلعِ المادةِ
واسْتُؤْنِفَ مهرجانُ الكونِ.
انشطاراتٌ، غبارٌ، لوثةٌ وأصباغٌ
أجرامٌ تُقذَفُ وغازاتٌ تفورُ
من حنجرةِ الوقتِ،
معادلاتُ الخلْقِ اِستوَتْ
ودارتْ عجلةُ التكوينِ.
٢
يحبسُني طيفٌ قطبيٌّ
أحاولُ التّسلُّلَ منهُ لاستعادةِ
ولو ومضةٍ قصيرةٍ منَ اللَّاشيءٍ
قبلَ أن تُلفَظَ الكلمةُ وتُشفَّرَ الألوانُ،
عندما كان الظَّلامُ ماكرًا مستبدًّا
والعدمُ غامضًا نرجسيًّا
والأصواتُ جُذوعًا مصلوبةً
٣
"لماذا يجبُ أنْ يكونَ هناكَ شيءٌ
عوضًا عنِ اللَّاشيء"
قدْ تكونُ الأشياءُ
ذهانَ أدمغتِنا وكلُّ شيءٍ
ليس كنايةَ خيرٍ أو شرٍّ
إنهُ لا شيءَ دونَ أنْ نفكّرَ فيهِ.
في المحصِّلةِ لا تَدينُ لنا الأيامُ
بشيءٍ، لا تدينُ بمكافأةٍ أو تفسيرٍ
يا لهُ من ضياعٍ!
فيزياءُ تُرضِخُ كلَّ شيءٍ طواعيةً.
٤
الحياةُ ما يعسرُ علينَا فهمُهُ،
أيُّ عنفوان يعبُرُ بنا قادمَ الأيَّامِ!
يبخِّرُنا الزَّمنُ ونفنَى، تبقَى
السّرديةُ فتيَّةً على الدَّوامِ
مِثلُ جنزيرٍ مَهيبٍ يدورُ
في دولابِ الحقيقةِ أو عقربٍ
لا يرهقُهُ الدّورانُ في ساعةِ الحائطِ.