جريدة اليوم : السبت 05 شعبان 1436 هـ الموافق 23 مايو 2015 العدد 15317
زكريا العبّاد ،هاني الحجي ، أكابر الأحمدي - الدمام، الرياض،جدة
يرى بعض المتابعين أن المؤتمرات الأدبية في المملكة أمست مجرد حفلات ومجاملات للنقاد، لذلك لم تواكب أوراقُ العمل التي تطرح فيها المنتح الإبداعي والأدبي، لأنها - حسب البعض - مجرد نسخ ولصق من دراسات أكاديمية ورسائل علمية.
هنا وقفاتٌ يقفها "الجسر الثقافي" مع أهل المشهد الأدبي، من نقاد ومبدعين ليعبر كل عما يراه في هذه المؤتمرات سلبا وإيجابا.
استراتيجية ثقافية
في البدء، يرى الناقد محمد الحرز أنّ الأمر لا يمكن أن يؤخذ على إطلاقه سلبا أو إيجابا، فيقول: أولا، الحديث عن المؤتمرات الأدبية بإطلاق هو نوع من التعميم الذي يضبب الظاهرة بالقدر الذي يوضحها بالمقارنة والسؤال.
لذلك أقول: حين نريد أن نتحدّث عن مثل هذه الظواهر، نسأل بداية: ماذا نعني بالمؤتمرات الأدبية؟
ويوضّح: في مشهدنا الثقافي بشكل عام والمرتبط بالأندية الأدبية، أو المؤسسات الرسمية المهتمّة بالشأن الثقافي، لم يجر حوار مكثّف وعميق حول ما نعنيه بالأدب من جهة التعريف والتصوّر، ومن ثمّ الاصطلاح عليه بين الأدباء والنقّاد في ساحتنا الثقافية، وهو المفتاح الحقيقي للدخول إلى ما نسميه تاريخ الأدب السعودي.
ويؤكّد الحرز : هذا في تصوّري ما ينبغي أن يكون عليه المسار، أما ما يحدث من خلال خبرتي البسيطة في علاقتي بالأندية الأدبية والمؤتمرات، إنّ ثمة اجتهادات بعضها نضعها في خانة الاعتبار والاحترام، بما فيها مجهودات تحاول قدر طاقتها أن تقارب الظاهرة الأدبية في ساحتنا بتأمل واحترافية عالية، وبعضها الآخر مجرد قشور لا تلامس الظاهرة ولا تكاد، لذلك يجب أن نميّز بحيث لا نضع اجتهادات الأندية التي تقوم بعمل المؤتمرات الأدبية واختزالها في سلة واحدة.
ويضيف: مؤخرا نظّم النادي الأدبي بجدّة مؤتمر النصّ، رغم أني لم أحضر الملتقى لكني اطلعت على أغلب الأوراق التي طرحت، وفي واقع الأمر هي جادة في مقاربة الرعيل الأول من الأدباء الذين أسسوا التصورات الأولى عن الأدب السعودي.
وهذا توجه مهم ويجب الحفر فيه حتى نصل إلى نوع من التوازن في تعريفنا بالأدب المرتبط بالمجتمع وتطوراته عبر التاريخ.ويختم الحرز بالقول: والسؤال هنا: على من نضع المسؤولية حين نشير إلى الجانب الهشّ من تلك المؤتمرات التي لا تنتج سوى الهشاشة والتصورات الضعيفة عن الأدب والمجتمع؟
هل تقع - كما يقول المحور - مرةً على النقّاد أو على التنظيم المتعلّق بالأندية؟ المسؤولية في ظني تقع على الجميع، ينبغي إعادة النظر في الاستراتيجية الثقافية التي تتبعها الدولة مع الثقافة وبالخصوص الذي يشمل الأدب وفروعه.
لقاءات مغلقة
ويقول القاص والأديب جمعان الكرت: الذي أتمناه أن ينبري نادٍ من أندية المملكة لعقد لقاء موسع تحت عنوان ( اللقاءات الثقافية والأدبية والنقدية الواقع .. والمأمول ) يضم نخبا متنوعة ويُطرح من خلاله أوراق عمل شفافة وصريحة مثلا : إلى أي مدى حققت تلك اللقاءات من فائدة؟ لا سيما أن الكثير من اللقاءات تتم داخل حجرات ضيقة، والمشاركون هم أصحاب أوراق العمل يستمعون ويعلقون بعدها ينفض الجمع دون الوصول إلى شرائح المجتمع.
ويضيف : مما نلاحظه أن أسماء المشاركين في طرح أوراق العمل تتكرر في كثير من الملتقيات ما يجعلنا بالفعل نتساءل: هل هؤلاء فقط يمثلون الساحة الثقافية؟ وإذا كان كذلك أين الأكاديميون في الأقسام الأدبية في جامعاتنا السعودية؟
هل تعاني نضوب الفكر الثقافي؟ أم أن هناك تحيزا لفئة معينة بحيث تدور بهم اللقاءات؟ ولا أشك في قوة أوراق العمل التي تُطرح لأنني وقفت على ذلك حين كنت نائبا لرئيس أدبي الباحة.
وكانت الأوراق مُجودة لأن أصحابها يدركون خطورة القص واللصق في زمن التواصل الاجتماعي الذي يفضح تلك الممارسات، فالإعلام لا يرحم أبداً.
ويقترح الكرت للاستفادة من تلك اللقاءات أن تقوم الجامعات بتنظيمها قائلا: أتمنى من الجامعات السعودية أن تتولى تنظيمها لعدة اعتبارات: أولا ليستفيد الطلاب الدارسون في الأقسام الأدبية من خلال الحضور والمشاركة.
ثانياً: ليقدم كل دكتور رؤيته النقدية على اعتبار أن الدكتور لا يتوقف عطاؤه عند تقديم المادة العلمية فقط، بل من الضرورة بمكان أن يكون له رؤية نقدية فاحصة ومتفردة استقاها من خلال دراساته المتعددة واستخلصها من قراءاته المتنوعة.