يرى الشاعر والمترجم والطبيب شريف بقنة أن هناك سمات شخصية نفسية مشتركة بين الأدب والطب، لكنه لا يؤكد هذا الارتباط ما لم تكن هناك دراسات محكّمة تؤكده، أما الترجمة الأدبية فيفضل ترجمة النصّ التجريبي أكثر من النصّ الكلاسيكي والحديث على القديم، ولا يخفي بقنة تفاؤله بمبادرة «ترجم» التي تعمل عليها هيئة الأدب والنشر والترجمة، كما لا يخفي امتعاضه من أن معظم المترجمين غير سعوديين، إضافة إلى أن نوعية الكتب مختصّة بحقلٍ واحد من العلوم الإنسانية.. المزيد من الآراء حول بعض القضايا والمشكلات في هذا الحوار:
• لماذا يتعلق كثير من الأطباء بالأدب؟
•• ربّما أن هناك سمات شخصية نفسية مشتركة في المهتمين بالأدب والطب مثل سمة الانفتاح - الانبساط openness وسمة الضمير أو الشعور بالذات consciousness، ولكن ما لم تكن هناك دراسات محكّمة تؤكّد الارتباط بين الطب والأدب، لا يمكننا تعميم الارتباط؛ بمعنى لا يمكننا القول بأن ارتباط الطبيب بالأدب أكثر من ارتباط أي شخصٍ آخر بالأدب. في تصوّري أن الطبيب عند ارتباطه بكتابة الأدب يحصل على اهتمام وشهرة أكبر من غيره، وهذا ما يوحي لنا بالعلاقة بين الطب والأدب.
• أنت مهتم بالترجمة ولك كتب فيها، كيف تختار كتابك الذي تنوي ترجمته؟
•• ببساطةٍ، أختار الكتاب الذي أحب. قراءاتي شعرية في معظمها، بالإضافة إلى قراءات متنوعة في الفلسفة وعلم النفس بالذات. لذلك فإن معظم ترجماتي شعرية أو مرتبطة بميولي القرائية.
•هل لديك معايير معينة في الكتاب الذي تقوم بترجمته؟
•• المعيار الأهم هو التقاطع الوجداني والارتباط النفسي مع الكتاب، والذي ينعكس بالضرورة من نوعية وأسلوب الكتاب ومحتواه؛ أفضل الأدبي أكثر من المقالي، الشعري أكثر من النثري - المنثور، المقتضب أكثر من الحشو، التجريبي أكثر من الكلاسيكي والحديث أكثر من القديم.
• كيف تنظر للفن؟
•• الفن هو الإبداع الإنساني في أعلى تجلياته. هو كل ما يشرع الأبواب للفوقي والإلهي. إنّه الشيء المرعب لشدّة جماله، كلّ ما نقف أمامه مشدوهين مأسورين ومرتاحين، هدية الوجود وذروة المعنى وحلوى الحياة. التشكيل، النحت، السينما، المسرح، الرقص، الموسيقى، الأدب.. إلخ، فنون تضخ الدماء في عروق المدن. الفن هو ذلك المجهول السحري الذي يتملّكنا ولا نعرف لماذا! كما يقول جوردان باترسون.
• ماذا عن مفهومك للغة بشكل عام؟
•• اللغة بيت الوجود كما يقول هيدغر، إنها القدرة السحرية والإرث الخالد الذي يمتلكه البشر للتعبير، بل لخلق معانٍ ومفاهيم في غاية التعقيد عن العالم والموجودات. إنها الابتكار الإنساني الأكثر تطوّراً والذي يتماهى في صورة الحاسة الحيّة التي تنمو وتكبر وتتطوّر وتخلق وتؤسس وتنظّم، اعتبرها فتجنشتاين ظاهرة حية، وقال عنها داروين في رسائله أنها ميلٌ غريزي. الأسئلة المطروحة والمعضلات الفكرية عن اللغة عند الفلاسفة وعلماء الألسن أكثر من الأجوبة، فهي تتعدى كونها مجرّد وسيلة وأداة اتصال إلى كونها مظهراً إحيائياً يخلق وينحت المعاني ويرتبط بماهية التفكير. اللغة كنز الوجود.